روائع مختارة | واحة الأسرة | قضايا ومشكلات أسرية | إنهم يحرضون الأطفال!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > قضايا ومشكلات أسرية > إنهم يحرضون الأطفال!


  إنهم يحرضون الأطفال!
     عدد مرات المشاهدة: 2483        عدد مرات الإرسال: 0

ماذا حدث لأطفالنا؟ عنف شديد..تمرد..جدال مقيت..مطالب كثيرة..أصبحت عملية التربية تبدو كعبء كبير من لديه ثلاثة أطفال يشعر أنه مثقل بالأعباء ويتساءل كيف عاش آباؤنا وأمهاتنا؟ كيف نجحوا في القيام بعملية التربية بسهولة وقد كان لديهم مالا يقل عن ستة أبناء؟.

كثيرة هي الأسباب التي قد تذكر في تعليل صعوبة عملية التربية من ضيق وقت الآباء لنمط المعيشة الجديد إلى غير ذلك من سلبيات قد تكون قائمة في عملية التربية ولكن هناك عامل بالغ الأهمية ولم يحظ ببحث جيد على الرغم من تأثيره العنيف على أطفالنا..ذلك هو الخطاب التحريضي الذي يتعرض له الأطفال بشدة..نعم خطاب تحريضي يقدم للأطفال في قالب شديد التشويق سهل التأثير على مدارك الطفل وحواسه وعقله..ذلك هو مضمون بعض أفلام الكارتون التي لا تعرف عن الخلق الكريم والفضيلة شيئا وكل ما يشغل القائمون عليها الربح التجاري ولو عن طريق تشويه البناء النفسي والخلقي للطفل أو لعل الأمر مقصودا من أجل نشأة جيل مخلخل لا يوجد عنده ثوابت قيمية.

¤ نموذج تحريضي:

في الوقت المخصص لأطفالي لمشاهدة الكارتون أفضل في كثير من الأحيان أن أتشارك معهم وأتابع ما يشاهدونه خاصة عندما يتابعون مسلسلا كارتونيا جديدا وفي هذا المساء وجدتهم جالسين مشدوهين أمام مسلسل جديد اسمه أبناء الجيران فجلست معهم أتابع ما تتابعه العيون والعقول البريئة وهالني ما أشاهد وأسمع فالمسلسل يتحدث عن أبناء الجيران كيف ينصر بعضهم بعضا في مواجهة الخصوم الأشرار -الآباء- فالأب الشرير قام بعمل فظيع جدا لا يمكن تحمله أو السكوت عليه فقد قام بقص شعر ولده الذي إنهارت نفسيته بعد فقده لشعره الطويل ودخل المستشفى حيث زاره أبناء الجيران وهناك قام بإفشاء سر خطير وهو أن أخيه الصغير محبوس في البيت لأن الأب سيفعل معه نفس الفعل الشرير ويحلق شعره الطويل وهنا وبعد تفكير وتخطيط قرر أبناء الجيران إنقاذ الطفل المسكين من براثن الأب الشرير وهنا نشاهد مجموعة من المغامرات الشيقة المليئة بالحركة والإثارة تجعل أبنائك يكتمون أنفاسهم وهم متعلقون بهؤلاء المغامرين يتمنون نجاحهم وإنقاذ الصغير حتى تتم المهمة بنجاح.

أطفأت التلفاز بعد إنتهاء الحلقة وجلست أناقش أبنائي فيما شاهدوه خاصة المشاهد التي تتهكم على الأب.

قال لي الكبير إنهم فقط يستمتعون بالمغامرات بينما إبتسم الصغير ولم يجبني بشئ وتركني في حيرة من أمري..أنا أعلم أنه لم يفهم كل الإشارات اللعينة في هذا الكارتون ولكنه ولاشك أدرك المغزى العام فما الذي يدور في عقله الصغير؟ وما الذي سيترسب في نفسه الغضة البريئة؟

كنت ولا أزال مقتنعة أن منع الطفل من مشاهدة الكارتون كلية له آثار سلبية بعيدة المدى وأنه لابد من خلق مناعة ذاتية لدى أطفالنا.

لذلك اتخذت قراري برفض مشاهدة هذا المسلسل لأنه يحقر من شأن الآباء ويتهمهم بالشر.

إستطعت بعد جهد أن أتفق معهم أن المسلسل الكارتوني الذي يحمل قيم سلبية لن نشاهده بينما سنستمتع بعدد آخر من المسلسلات الهادفة أو حتى الممتعة دون تحريض وتشويه.

الأمر ليس بسيطا بأي حال من الأحوال وبحاجة لمتابعة دائمة من قبل الوالدين تستغرق وقتا وجهدا في المتابعة والمناقشة والبحث عن بديل مقبول وهو للأسف قليل جدا ولا يرقى من حيث التقنية للمستوى المبهر الذي تقدم به هذه المسلسلات التحريضية.

¤ إحترام الآباء:

أستطيع القول بثقة أن هناك فلسفة كاملة لتحقير الآباء وإدانتهم كجزء من الفكر التفكيكي السائد عالميا فدائما ما نسمع عن إدانة الفكر الأبوي البطريركي كفكر تسلطي تمت الثورة عليه وكثيرة هي الأطروحات البحثية أو المجتمعية التي تبحث آليات حماية الأطفال من الآباء..لا أحد ينكر أن هناك آباء لا يستحقون أن يطلق عليهم مثل هذا الوصف ولكن الفكر التفكيكي يوصم معظم الآباء بالتسلطية والقسوة وما إلى ذلك من أمور تستدعي عمل خط ساخن للأطفال كي يستنجدوا بالشرطة وتستدعي عمل قانون يمنح الجيران الحق في الإتصال بالشرطة كي تذهب بالأب الذي ضرب ابنه للسجن أو تحرمه من الابن الذي يودع في مؤسسات خاصة وهكذا تم عمل كثير من الأعمال الدرامية التي تصور مدى بشاعة الآباء وبعضها موجه للأطفال كذلك المسلسل الذي ذكرت طرفا من أحداثه.

والنتيجة جيل لا يحترم الآباء وبالتالي لا يستمع ولا ينصت لما يقولون بل يستهجن ويرفض ما يقال له ويبحث لنفسه عن منظومة قيمية مختلفة عن تلك التي يعتنقها الآباء.

كان العربي القديم شديد الفخر بالآباء حتى أن القرآن طلب من المؤمنين أن يذكروا الله كذكرهم آبائهم أو أشد ذكرا: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} [البقرة:200].

وظلت ثقافة إحترام الآباء والوالدين قائمة بل وتعتبر من المقدسات حتى هبت رياح العصر الحديث محملة برياح العولمة وفكر الحداثة وما بعد الحداثة حيث التفكيك والإغتراب والرفض المطلق لكل سلطة حتى لو كانت تحمل الحب والحنان.. لذلك فإن على الوالدين اليوم مهمة عظيمة تحتاج منهما للإنتباه الشديد حيث أنهما يواجهان مخططا منظما لإنزالهما من المكانة العظيمة المؤثرة فلابد لهما من أمور ثلاثة:

1= الإستعانة بالله القوي القدير والتضرع له أن يحفظ الأبناء.

2= الإجتهاد في عدم الخطأ أمام الأبناء بحيث تكون منزلة الآباء محترمة ومن ذلك الإعتدال في المزاح فمن الملاحظ أن بعض الآباء يسمحون للطفل الصغير بمناداة الأب بإسمه وربما يتلفظ بألفاظ سيئة فيضحكون منه وهكذا وبعض الآباء يعترف بأخطائه للأبناء كرغبة في الصداقة والتقارب.

3= الحرص الشديد على إظهار الحب والرحمة والحنو في التعامل مع الأبناء فهم في أمس الحاجة لذلك ولا يكفي أن تكن القلوب الحب ولا تبوح به الألسنة.

مع المنطق العقلاني في المناقشة وعدم السماح للغضب أبدا أن يكون سيد الموقف.

المصدر: موقع رسالة الإسلام.